هناك مقولة تقول: “يجب أن تعرف شيء عن كل شيء, وكل شيء عن شيء” والتي تعني ببساطة أنك يجب أن يكون لديك معرفة بسيطة عن العديد من المجالات وأن تعرف الكثير في مجال محدد. ولكن عندما تود أن تتقدم الى الأمام, هناك دائماً سؤال يخطر للبال وهو هل أتعلم شيئاً جديداً أم أتعمق أكثر في نفس المجال وهو ما سنناقشه في هذا المقال من خلال إطار تعليمي.
التوسع
الحصول على منظور جديد للأمور
لكل شخص طريقة خاصة به للنظر للأمور, أسلوب خاص في حل المشاكل. ولكن أحياناً هذا المنظور يحد من إمكانياتنا لأنه يحصرنا في نطاق صغير مما يحول دون قدرتنا على رؤية الأمور بشكل واضح. أنظر الى الصورة التي في الأسفل, أين تظن أنه تم إلتقاطها؟ ربما في البحر. إن نظرت الى الصورة الثانية, ستعلم أنها جزء من بحيرة.
من المهم جداً أن نستطيع النظر الى الصورة الأكبر للأمور ولا ننخدع في التفاصيل فقط. هذه هي فائدة التوسع وتعلم مهارات جديدة. سيمكنك أن تنظر للحياة من منظور مختلف. لنأخذ على سبيل المثال شخص يحاول أن يحل مشكلة الإحتباس الحراري. قرر هذا الشخص أن يخفف من إستخدام السيارات التي تعمل على الوقود ويستخدم بدلاً منها سيارات تعمل على الكهرباء. لو نظرنا الى الأمر فقط الى هنا, قد يبدو أن هذا حل جيد جداً. ولكن قد يكون مصدر إنتاج الكهرباء هو حرق الوقود, وعندها نكون لم نتقدم الى الأمام, فجميع الوقود الذي وفرناه في إستخدام السيارة, قد تم إستخدامه لإنتاج الكهرباء. الحل هنا مثلاً أن نجد مصدراً جديداً للكهرباء لا يحتاج الى وقود. هذه هي أهمية القدرة على رؤية الصورة الكبيرة للأشياء. العديد من الأمور تبدو سهلة في البداية, ولكن عندما ننظر الى الامر من عدة وجهات, ندرك الحجم الحقيقي للتحدي ولكن نستطيع في نفس الوقت أن نجد حلولاً جديدة بإستخدام نفس الطريقة.
إمكانية الجمع بين عدة مهارات للقيام بشيء جديد
كثير من المشاكل التي تواجهنا, تحتاج الى عدة مهارات الى حلها. مثلاً, جهاز الموبايل الذي نستخدمه جميعاً يحتاج الى العديد من الخبرات لصناعته. نحتاج مهندس برمجيات لصناعة نظام التشغيل, نحتاج مهندس كهرباء لإيجاد الشكل الأمثل لتوصيل القطع الكهربائية المختلفة ببعضها بطريقة مثلى, نحتاج الى مهندس آخر لإيجاد نظام تبريد للجاهز, نحتاج الى مصمم لجعل شكل الجهاز جذاباً وغيرها. لو إقتصرنا على مهارة واحدة فقط من المستحيل أن نقوم بصناعة مثل هكذا أجهزة. ولكن, قد يقول قائل أننا لا نحتاج في مثل هذا المثال الى شخص يجيد عدة مهارات, نستطيع أن نحضر شخصاً متخصصاً لكل مهارة كما تفعل العديد من الشركات. صحيح, نحتاج شخصاً متخصصاً في أحد المهارات في أغلب الشركات, ولكن عند تعلم عدة مهارات, يستطيع نفس الشخص أن يقوم بعمل أفضل لأنه لديه دراية أكبر بباقي التخصصات. مثلاً, قد يقول مهندس الكهرباء أننا نحتاج شكل معيناً لأفضل طريقة لنقل الكهرباء, ويقول مهندس الميكانيك أننا نريد تصميماً آخر لنحصل على أفضل نظام تبريد حراري للجهاز. ولكن إن كان أحدهم يعلم أساسيات عمل الآخر, سيسهل التواصل بينهما وتكون نتيجة العمل النهائية أفضل.
بالطبع, هذا الأمر يعتمد على نوع العمل ونوع المهارات التي يعلمها كل شخص فبعض المهارات الإضافية ليس لها فائدة ضمن نطاق عمل معين. مثلاً, معرفة اللغة النرويجية لن تساعد كثيراً مهندس الكهرباء الذي يعمل في مكان يتحدث جميع الناس فيه اللغة الإنكليزية على القيام بعمل أفضل مع باقي فريقه, بينما معرفته بكيفية عمل نظام التبريد قد تساعده على القيام بعمل أفضل.
التخصص:
معرفة ما يكفي في مجال محدد للإستفادة منه
في بعض الأحيان, يحتاج الشخص الى مستوى محدد في مهارة ما ليستطيع أن يستفيد منها. مثلاً, زيد تعلم الأبجدية في اللغة الألمانية واليابانية وبعض الأمور البسيطة, بينما تعلم أحمد فقط اللغة الإنجليزية ولكنه أنهى المستوى المتوسط ويستطيع التفاهم بشكل لا بأس به بالإنجليزي. قد لا يستفيد زيد من ما تعلمه إن سافر الى المانيا او الى اليابان لأنه وإن كان يعلم بعض الأشياء من هنا وهناك, ولكنه لا يعلم ما يكفي في اي من اللغتين ليستطيع الإستفادة منهما. بينما أحمد يستطيع الإستفادة من ما تعلمه لأنه تعلم ما يكفي في لغة واحدة. والأمر مشابه في كثير من المجالات الأخرى, ليستطيع الطبيب الإستفادة من ما تعلمه, يحتاج أن يتعلم الكثير أولاً.
هناك بعض الشركات التي تطلب بعض الأشخاص الذين لديهم إختصاص كبير في مجال محدد لأنهم لن يستفيدو من شخص يعلم القليل فقط, بل يحتاجون الى خبير يعلم التفاصيل الدقيقة في مجاله.
قلة عدد المنافسين وإزدياد قيمة مهارتك
كلما زادت درجة التخصص, قل عدد المنافسين. لنأخذ مثالاً بسيطاً من حياتنا اليومية. كم عدد الناس الذين يتحدثون الإنجليزية؟ كم عدد الناس المتقنين للغة الإنجليزية لدرجة القدرة على تدريسها؟ كم عدد الناس الحاصلين على درجة الدكتوراة في اللغة الإنجليزية؟ من الطبيعي أن يكون العدد أقل في كل مرة, لأن الشروط أصعب ويحتاج إجتيازها وقتاً أطول. فئة قليلة فقط من الناس تود إتقان اللغة الإنجليزية والحصول على درجة الدكتوراة فيها. والأمر سيان في باقي الأمور. هناك تدرج هرمي في أغلب نواحي الحياة بشكل طبيعي.
بالطبع, كلما زادت ندرة الشيء, زاد ثمنه. لماذا الألماس ثمين؟ لأنه نادر ومن الصعب الحصول عليه. كذلك, عندما تكون لديك مهارة نادرة او لديك معرفة إستثنائية بأمر معين, تستطيع أن تجني الكثير مقابل خدماتك او عملك لأنه ببساطة من الصعب جداً إستبدالك.
ولكن, في نفس الوقت, سيقل عدد الناس الذين يحتاجون لهذا القدر من التخصص. كم عدد الأشخاص الذين يحتاجون شخصاً حاملاً للدكتوراة ليدرسهم اللغة الإنجليزية؟ معظم الناس يكفيهم معلم بمستوى علمي أقل من هذا بكثير. أيضاً, لن تحتاج أغلب الشركات الى عدة خبراء في نفس المجال, بل سيفضلون خبيراً واحداً لكل مجال والأمر في نهاية المطاف نسبي.
ايهما افضل التوسع أم الاختصاص
بعد كل هذا النقاش, قد تكون محتاراً أكثر من ما كنت عليه قبل أن تبدأ. لكل من الجانبين إيجابياته وسلبياته. وأنت وحدك من يستطيع معرفة أي هذين الخيارين سيعود بفائدة أكبر لك. من وجهي نظري الشخصية, أفضل أن يكون للشخص مجال محدد بإختصاص كبير وبعض الإختصاصات بمستوى جيد. لذلك, لو يكن لديك اي مهارة بمستوى عال, فربما يكون من الأفضل أن تحسن إحدى المهارات الى مستوى كبير وتكون هي مهارتك الأساسية, ثم يمكنك تعلم مهارات إضافية.