سلبيات الهجرة الى كندا

سلبيات الهجرة الى كندا

كثير من الناس يودون الهجرة الى كندا وتأسيس حياة جديدة هناك. ولكن الحياة ليست وردية وعند إتخاذ قرار مصيري كالهجرة الى بلد آخر, يجب أخذ السلبيات والإيجابيات بعين الإعتبار. ناقشنا في مقال سابق إيجابيات الهجرة الى كندا و في هذا المقال نركز على مناقشة بعض أهم سلبيات الهجرة الى كندا.

صعوبة العمل في نفس المهنة وتعديل الشهادات في كندا

الغالبية العظمى من المهاجرين الذين لم يعملو او يدرسو في كندا من قبل, يواجهون صعوبة في العمل في نفس مجالهم السابق خصوصاً في اول بضعة سنوات من قدومهم. مثلاً, الشهادات الطبية تحتاج الى نظام معقد لتعديل الشهادة وهناك ظاهرة سائقي التاكسي الأطباء وهي بسبب أن بعض المهاجرين لا يستطيعون الإنتظار عدة سنوات والدراسة مجدداً ولديهم عائلات وأطفال يجب عليهم إعالتهم, لذلك يعملون في اي مجال لا يحتاج شهادات. هذا الأمر ليس مقتصراً على الأطباء فقط, حتى المهندسين والمحاسبين وغيرهم يواجهون صعوبة في حصولهم على اول وظيفة لهم في كندا لإفتقارهم لما يسمى “الخبرة الكندية”. كثير من مدراء التوظيف يرى أن الشهادات العلمية وخبرة العمل الكندية تتفوق على اي شيء آخر ولا يقدرون الخبرات الأجنبية كثيراً الا في حالات نادرة. صحيح أن معظم الدول تطلب تعديل شهادة وما الى ذلك, ولكن الأمر في كندا أصعب بمراحل. حتى لو إستطاع الشخص تحصيل فرصة عمل في مجاله الأصلي, فمن شبه المستحيل أن يحصل على نفس المنصب الوظيفي وسيضطر الى القبول بمنصب أقل وصعود السلم الوظيفي مجدداً.

إختلاف الثقافة الكندية عن العربية

المشكلة هنا هي متعددة الأبعاد, فهناك مشكلة للتأقلم مع اي ثقافة جديدة وهي مرتبطة بمرونة الشخص نفسه, وهناك مشكلة التأقلم مع الثقافة الكندية تحديداً.

من الطبيعي أن تكون الثقافة مختلفة في بلد غربي مثل كندا عن ما هي عليه في بلادنا. ولكن التأقلم ليس بالأمر السهل ويعتمد على مرونة الشخص ويتطلب تقديم تنازلات كبيرة إن كان الشخص يريد أن يندمج في المجتمع الكندي. هذا الأمر يتضمن إختلاف في المبادئ والأخلاق وهذا الأمر يواجهه اي مهاجر الى بلد غربي. افكار مثل التحرر والنسوية والمثلية وشرب الخمر هي أمور منتشرة بكثرة هناك وهذا سيسبب ضغوطات كبيرة خصوصاً إن كان الشخص متديناً ويتبنى الثقافة الشرقية مما سيكون حاجزاً كبيراً. 

لا يقتصر إختلاف الثقافة على ما هو عليه مع السكان المحليين فقط, فكون كندا مقصد كبير للهجرة أدى الى جذب شعوب مختلفة وهذا يعني تنوع كبير للثقافات. رغم أن التنوع له إيجابياته, لكنه يجعل الإختلافات بين الناس أكبر بكثير وفي بعض الأحيان, يتجمع المهاجرين من بلد معين في أحياء قريبة من بعضهم وتعيش كل فئة في فقاعة خاصة بهم. من المعروف أن الكنديين لطفاء ولكنهم منعزلين الى حد كبير مقارنة بشعوبنا. قد يكون هذا بسبب المناخ البارد والشتاء الطويل.

إختلاف القوانين وتعارضها مع مبادئك

كل بلد لها قوانينها الخاصة والتي بطبيعة الحال ستكون مختلفة عن باقي الدول, وهذا أمر بديهي. ولكن تكمن المشكلة حينما تكون القوانين تتعارض مع مبادئك او أخلاقك أو دينك, وحينها ستكون مضطراً للإختيار وفي كلِا الحالتين لن تكون مرتاحاً. على سبيل المثال, كندا لديها قانون يمنع إرتداء الرموز الدينية و الحجاب الإسلامي للعاملين في القطاع الحكومي (رابط مقال يناقش الموضوع) وهناك قوانين تمنع تعدد الزوجات وأخرى تعطي للمرأة نصف ثروة الزوجين (التي تحصلت خلال فترة الزواج) في حال الطلاق, وتعطي حضانة الأطفال في معظم الحالات للمرأة. هذا كله في كفة, والقوانين المرتبطة بالحرية الجنسية والتحرر الديني والمثلية في كفة أخرى فكندا متشددة جداً في مثل هذه القوانين وخصوصاً في فترة حكم النظام اللبرالي الحالي تحت رئاسة ترودو.

القطاع الصحي الكندي

كما هو متوقع, سلبيات الحياة في كندا متعددة الأبعاد والقطاع الصحي هو أحدها. ربما سمعت أن الطبابة في كندا مجانية للجميع ضمن منظومة التكافل الإجتماعي وظننت أنك لن تضطر للقلق في هذا الشأن. يؤسفني أن اخبرك أن الأمر ليس كما يبدو عليه, فنظام الطبابة الكندي معروف عنه غير مرن ويحتاج مواعيد طويلة جداً. موعد الطبيب قد يكون بعد أشهر او سنوات وأحياناً يأخذ عدة أيام في حالات الطوارئ وهذا مشابه لمشاكل النظام الصحي في المانيا.

السلبيات المالية في كندا

الضرائب:

من أكثر العبارات دقة في وصف حال الضرائب هو أنها لا ترحم. ولها العديد من الأنواع وسنذكر أكثرها إستخداماً والماً للمحفظة.

الضرائب الفدرالية:

هذه الضريبة مفروضة على جميع العاملين في كندا . تبدأ قيمة هذه الضريبة من 15% على مجمل الدخل السنوي إن كان أقل من 49,000$, وتصل الى 33% إن كان الدخل أكثر من 216,000$. بالطبع, نظام كندا للضرائب يتبع ما يسمى Tax Brackets او الشرائح الضريبية ( وهو يعني أن كل قسم من الدخل له ضريبة خاصة به) كما هو موضح بالجدول التالي.

قيمة الضريبة الفدرالية للدخل السنوي 2021النسبة المئوية
$49,020 أو أقل15% 
$49,020 – $98,040 20.5%
$98,040 – $151,978 26%
$151,978 – $216,51129% 
$216,511 او أكثر33%
جدول الضرائب الفدرالية 2021

مثلاً, إن كان راتبك 80,000$ سنوياً. فستدفع 15% على 49,000$ ثم ستدفع 20.5% على (80,000-49,000= 31,000) وتكون المحصلة 15% * 49000 + 20.5%*31,000= 13,705$. اي أنك ستكون دفعت قرابة 17% من رابتك كضريبة فدرالية. ولكن لم ننتهي بعد, فهناك ضرائب إضافية لكل مقاطعة.

ضرائب المقاطعات:

كل مقاطعة تفرض قيمة ضريبة مختلفة ولها نظامها الخاص. معظم المقاطعات تبدأ ما بين 5-10% وتصل الى 15-25% ولكن أعلى قيمة للضرائب هي من مقاطعة كويبيك Quebec والتي تبدأ ب15% وتنتهي ب25%. لمعرفة جدول ضرائب المقاطعات, يمكنكم زيارة الرابط الضرائب حسب المقاطعة.
لإجراء مقارنة سريعة بين ضرائب المقاطعات يمكنكم إستخدام مواقع فيها آلة حاسبة للضرائب مثل هذا الموقع . بإختصار, مجموع الضرائب الكلي سيكون 28-35% للروابت ما بين 60,000-130,000$ والذي يشمل معظم الناس.

اي أن صافي الدخل السنوي لشخص براتب 80,000$ في مقاطعة أونتاريو Ontario سيكون 56,000$ اي ما يعادل 4,700$ شهرياً. بينما لراتب سنوي 60,000$ سيكون الصافي 43,000$ اي ما يعادل شهرياً 3,600$. ولا تختلف القيمة كثيراً بين الولايات لمعظم الناس وخصوصاً للرواتب في مثل هذا المجال والقريب من المتوسط للأجور.
قد يصل الفرق السنوي بين بعض الولايات الى بضعة آلاف دولار كندي ولكن في نفس الوقت تختلف المصاريف.

ضريبة المقيمة المضافة VAT

هناك قيمة ضريبية تدفعها عند شراء اي شيء داخل كندا ومن ضمن ذلك الطعام والشراب والدواء.

ضريبة الأملاك:

إن كنت تملك عقار فيجب عليك دفع ضريبة مخصصة للأملاك.
قد لا يكون هذا الأمر مقلقاً لك الآن, ولكنه هام جداً على المدى الطويل خصوصاً لو قررت الإستقرار وشراء منزل او قطعة أرض.
يمكنكم معرفة تفاصيل أكثر من خلال الرابط. وبالطبع جميع هذه الضرائب مؤلمة للجيب وللبال.

غلاء الأسعار في كندا

تكاليف الإيجار:

حسب موقع Rentals.ca, فإن متوسط إيجار بيت غرفتين نوم في كندا هو قرابة 1900$ شهرياً. بالطبع, بعض المقاطعات أغلى بكثير من مقاطعات أخرى وكما هو متوقع, مقاطعات أونتاريو ( ON) Ontario وبريتش كولومبيا British Columbia (BC) هم على رأس القائمة في غلاء الأسعار, بينما مقاطعات ساسكاتشوان (SK) Saskatchewan وألبرتا (AB) Ablerta ومانيتوبا Manitoba هم الأقل سعراً. الفارق قد يصل الى ضعف الإيجار أو أكثر. مثلاً, متوسط الإيجار في اونتاريو هو 2200$ بينما في بريتش كولومبيا هو 2400$. في حين أنه في ساسكاتشوان قرابة 1100$ وفي البيرتا ومانيتوبا قرابة 1300$

إرتفاع المصاريف الشخصية

تكاليف الطعام مرتفعة في كندا بلا شك. بناء على معلومات هذا الموقع او موقع والمارت Walmart Canada والموقع الرسمي الكندي, فسعر مثلاً 12 بيضة هو 3.6$ او ما يعادل 30 بيضة بسعر 9$. وسعر كيلو صدور الدجاج قرابة 13$. ويمكنكم الدخول لهذه المواقع وعمل حسبتكم الشخصية.

حسب تقرير الحكومة الكندية الرسمي لعام 2021 (يمكنكم إيجاده في هذا الرابط), فتكلفة الطعام لرجل بعمر 19-30 هي 3739$ بينما لإمرأة بنفس العمر فهي 3256$ ولطفل بعمر 4-8 سنوات فهي 2630$. اي انه حسب هذه الأرقام, فتكلفة حياة شاب بمفرده سنوياً هي 3739$ وشهرياً 311$. ولعائلة مكونة من 4 أشخاص ستكون قرابة 12250$. اي ما يعادل شهرياً 1020$.

لو فرضنا أن راتبك السنوي هو 60,000$ في البرتا (وهو أعلى من متوسط الأجور ولن تحصل عليه في بداية قدومك), سيكون صافي دخلك الشهري 3600$ بعد إقتطاع الضرائب. ستدفع قرابة 1200$ آجار منزل وقرابة 300$ فواتير وقرابة 1000$ مصاريف طعام.. قد تقول أن هذا ممتاز. ولكننا لم نحسب مصاريف التنقل ولا التدفئة ولا مصاريف الآكل في مطعم او العاب او ملابس او مصاريف صحية وغيرها, الخ.
بالطبع, معظم العوائل الكندية تأخذ قرضاً وتشتري منزل لذلك يدفعون أيضاً أقساط المنزل او ما يسمى Mortgage والذي يختلف كثيراً حسب القرض وسعر المنزل ولكنه قد يصل في المتوسط الى 1500$ شهرياً.
اي انك بمثل هذا الراتب لن تستطيع توفير الكثير من الأمور لمنزلك وانه سيكفيك بالكاد بشكل مبدأي مع التقشف الكثير. لذلك إما أن تعمل معك زوجتك او أن تحصل على راتب أعلى بكثير مثلاً 90,000$ سنوياً وهذا يحتاج سنين كثيرة من الخبرة والحظ الجيد ومن الصعب جداً الحصول عليه لمهاجر جديد.

بعد المسافة عن البلد الأصلي

إن أردت زيارة أهلك أو إصطحاب أبنائك ليزورو بلدهم الأم, فستجد أن المسافة بعيدة والتكلفة باهظة. هذه المشكلة لها العديد من التبعات واولها بعد الأطفال عن ثقافة بلدهم الأصلي. رغم أن بلادنا تعاني من العديد من المشاكل، الا أن هناك هوية إسلامية وعريية من الصعب العثور عليها في مكان آخر. هذا له تداعيات كثيرة ومنها عدم شعورهم بالإنتماء لأنهم محاطين بثقافات مختلفة تماماً وتدعو الى أمور تناقض ثقافاتهم الأصلية ودينهم. أيضاً، لن يكون لهم إرتباط قوي بعائلتهم الكبرى من الأجداد والأعمام والأخوال وأبنائهم.

أيضا هذا سوف يؤثر على مستواهم اللغوي لأنهم قلما يستعملون اللغة العربية او يحتاجونها في كندا وربما يشعرون أنها ثقيلة عليهم وليس لها فائدة لهم.

تكلفة السفر الى البلاد العربية

أقل تكلفة للسفر من إسطنبول الى تورونتو هي قرابة 550$ حالياً وقد تصل أحياناً الى أضعاف هذا المبلغ وربما تصل الى 1500$ او حتى 2000$. والتكلفة أكثر بقليل للسفر من مطار القاهرة مثلاً الى مطار تورنتو (أسعار السفر من كندا الى معظم الدول العربية متقاربة). هذا الأمر يولد مشقة كبيرة عند التفكير بالسفر وخصوصاً لو كان الأمر لعائلة من 4 او 5 أشخصا وليس لشخص واحد فقط. مما سيجعل فكرة زيارة البلد الأم او العائلة أكثر صعوبة وتقتصر على مرة واحدة في السنة او في السنتين. وسيحد كثيراً من إمكانية المهاجر للسفر في الحالات الطارئة.

بعد المقاطعات الكندية بين بعضها وعن البلد الأصلي

سلبيات الحياة في كندا لا تقتصر على العربي فقط, بل حتى الكنديين أنفسهم يعانون من مشاكل السفر بين مقاطعاتهم. مثلاً, تبعد مدينة تورونتو (مقاطعة أونتاريو) عن مدينة فيكتوريا Victoria (بيرتيش كولومبيا) قرابة 3400 كم وتستغرق قرابة 4:30 ساعة بالطائرة. هذه المسافة تشابه المسافة بين القاهرة في مصر ومدينة فاس في المغرب. او تشابه المسافة مدينة إسطنبول في تركيا ومدينة صنعاء في اليمن, فلك أن تتخيل بعد المسافات بين هذه المدن. هذه المسافة هي ليست حتى أطول مسافة بين مدينتين في كندا, ولكنني إخترتهم كمثال لأنهم من أشهر المدن الكندية وأكثرهم سكاناً وإحداهما في الشرق والأخرى في الغرب. ولكن حتى المسافة بين مدينتين في نفس المقاطعة أيضاً كبيرة جداً. مثلاً المسافة بين العاصمة أوتوا Ottowa ومدينة تورونتو Toronto وكلاهما في مقاطعة أونتاريو Ontario هي قرابة 360 كم وتستغرق قرابة الساعة في الطائرة وهي تشبه مثلاً السفر من دبي الى الدوحة.

تكلفة السفر بين المقاطعات

تكلفة السفر عبر الطائرة من تورونتو Toronto الى فيكتوريا Victoria هي قرابة 400$ أمريكي للشخص الواحد حالياً. بينما تكلفة السفر من إسطنبول الى دبي هي قرابة 500$. مما يعني أن السفر داخل كندا مكلف ومن الصعب السفر بوسيلة نقل مثل السيارة او وسيلة أخرى خصوصاً في الشتاء. ستتكلف للسفر داخل كندا كما تتكلف لو كنت تسافر مثلاً من دولتك الأصلية الى دولة أخرى في الشرق الأوسط للسياحة (او ربما أكثر ). هذا سيجعلك تفكر ملياً قبل الذهاب في سياحة الى مدينة أخرى, لأن مثل هذه التكلفة تشابه تكلفة الذهاب الى بلدك الأم وربما لن تستطيع القيام بعدة رحلات في السنة (هذا إن إستطعت القيام حتى بواحدة).

الطقس البارد في كندا

تعد قسوة المناخ من أكثر سلبيات الهجرة الى كندا شيوعاً فمن المعروف أن المناخ الكندا قارس البرد ويصل الى درجات متدنية تحت الصفر وقد تصل الى -50 في أبرد المناطق. بالطبع, ليست جميع المدن بنفس درجة الحرارة وفي هذا الموقع Weather Spark هناك تفاصيل كثيرة حول درجات الحرارة للمدن الكندية الأكثر سكاناً وفيها نرى أن درجات الحرارة مقبولة معظم فترات السنة مع وجود فترات باردة مثل آخر الأشهر وأول الأشهر في السنة. بالطبع, برد كندا أكثر قساوة من برد البلاد العربية فمتوسط الحرارة في تورونتو مثلاً في شهر يناير (كانون الثاني) هو -9. في الصورة التالية مقارنة بين القاهرة وبيروت وتورونتو ولكن درجات الحرارة ليست بالدرجة المئوية ولكنها بالفهرنهايت.

مقارنة بين درجات الحرارة حسب بيانات موقع Weather Spark

كما نلاحظ, فإن أبرد فترة في اي من الأشهر في مثل هذه البلاد العربية هي أعلى من أكثر درجة حرارة في الشهر في مدينة تورونتو وهي ليست أبرد مدينة حتى.

هناك مدن مثل فيكتوريا وفانكوفر في مقاطعة British Columbia ومناخهم ممتاز وشبيه جداً بالبلاد العربية ولكن الحياة فيهم مكلفة ولذلك ليس من السهل الحياة هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *